إصلاح نظام البطالة في بلجيكا… النقابات العُمّالية تطعن ضد القرار أمام المحكمة الدستورية

موقع أخبار بلجيكا الآن _ تقدَّمت النقابات العمالية الثلاث في بلجيكا (ACV، ABVV، ACLVB)، إلى جانب عدد من مُنظمات المجتمع المدني، بطعن أمام المحكمة الدستورية، مُطالبةً بتعليق الإجراءات الإنتقالية المُصاحبة لإصلاح نظام البطالة في بلجيكا. ووصفت النقابات هذا الإصلاح بأنه “مُتسرِّع وغير عادل”، مُعتبرةً أنه يتعارض مع الإلتزامات الدستورية الأساسية للدولة البلجيكية.
وكانت الحكومة البلجيكية قد أقرّت في وقت سابق من هذا العام إصلاحاً يحدّ من مدّة إستحقاقات البطالة لسنتين فقط، وهو ما يصفه رئيس الوزراء البلجيكي “بارت دي ويفر” بـ”العمل الرئيسي” لحكومته.
ومن المُقرّر أن يفقد أوائل المُتضرّرين رواتب البطالة الخاصة بهم بدءاً من 1 يناير 2026. لذلك تطعن النقابات العمالية ضد الإصلاح برمّته، وكذلك في التدابير الإنتقالية المُرافِقة له. وتتوقّع النقابات العمالية صُدُور الحُكُم قبل نهاية هذا العام.
حيث أوضح رئيس مجلس إدارة النقابة العمالية ABVV المنتهية ولايته “تيري بودسون”، أن طلب التعليق يستند، من بين أمور أخرى، إلى “مبدأ تجميد الحقوق”، وهو مبدأ دستوري يمنع تقليل بعض الحقوق في بلجيكا دون مُبرّر قاطع. واعتبر أن الدوافع والأسباب لإصلاح نظام البطالة، والمُتمثّلة في توفير الأموال للميزانية البلجيكية “غير منطقية”.
وأضاف أن ترتيبات دعم الأشخاص الذين سيفقدون إعاناتهم “غير جاهزة بعد”، مُشيراً إلى أن مراكز الرعاية الإجتماعية العامّة (CPAS) أو (OCMW) طُلب منهما القيام بمهام وكالات التوظيف مثل (VDAB وForem وActiris) دون توفير الموارد الكافية. ويُمكِن للمتضرّرين، نظرياً، اللجوء إلى هذه المراكز طلباً للدعم.
وبحسب البلجيكي “تيري بودسون”، فإن تعليق الإجراءات الإنتقالية سيؤدي إلى تعليق ما يُعرف بالدُفُعَات المتتالية من الأشخاص الذين تنتهي إعاناتهم بدءاً من 1 يناير 2026 وفي تواريخ لاحقة. وفي حال التعليق، سيتعين على المكتب الوطني للتوظيف (RVA/ONEM) التواصُل مُجدّداً مع المعنيين، كما ستضطر الحكومة البلجيكية إلى مراجعة النص القانوني.
حيث تنطبق الإجراءات الإنتقالية على الأشخاص الذين يتلقّون بالفعل إعانات البطالة. وخلال الأشهر الماضية، أرسل المكتب الوطني للتوظيف عشرات الآلاف من الرسائل إلى عاطلين عن العمل أنهم سيخسرون إعاناتهم، على دفعات مُتتالية. وأفادت وكالة التوظيف في الجانب الفلماني (VDAB) أن حوالي 28 ألف باحث عن عمل في “فلاندرن” سيفقدون إعانات البطالة أو إعانات الإندماج خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2026.
كسب الوقت ومخاوف إجتماعية
قالت الأمينة العامة للنقابة العمالية ABVV في مدينة بروكسل البلجيكية “فلورنس ليبوار”، إن الإصلاح “تم تطبيقه بسرعة كبيرة”، مُعرِبةً عن أملها في أن يوفّر طلب التعليق وقتاً إضافياً على الأقل. وأضافت: “هذا الإصلاح قاسٍ وسريع وجذري، ولم يُحضَّر له جيداً، كما أن مراكز الرعاية الإجتماعية العامّة غير مُستعدّة لتحمّل تبعاته”.
من جانبه، أكد البلجيكي “بارت فانيتلبوش”، الأمين العام الوطني للنقابة العمالية ACV، عُقب المرافعات الشفوية، أن “إلغاء الحماية الإجتماعية لا يمكن أن يتم ببساطة”، مُعتبراً ذلك مخالفاً للدستور البلجيكي. وأضاف أن إلغاء إعانات البطالة في بلجيكا “لا يزيد إطلاقاً من فرص إيجاد عمل”، بل “يتخلّى عن كبار السن العاطلين عن العمل أولاً”، رغم إدراك الحكومة البلجيكية لصعوبة توظيفهم.
وأشار إلى أن الإستثناء الممنوح لمن تبلغ أعمارهم 55 عاماً فأكثر، والذي يسمح لهم بمواصلة تلقّي الإعانات ورواتب البطالة إلى أجل غير مسمى، مشروط بشروط مهنية صارمة. وقال: “كثيرون من كبار السن لم يتمكّنوا من بناء مسيرة مهنية كاملة بسبب العمل الجزئي أو المتقطّع أو الإعاقة. وبالتالي لن يستفيد من الحماية سوى عدد قليل جداً”.
وختم بالقول: “من غير المعقول معاقبة أشخاص يواجهون صعوبة كبيرة في العودة إلى سوق العمل مالياً، في حين أنهم لم يختاروا هذا الوضع”.
وتحظى النقابات العمالية في هذا الطعن بدعم واسع من مُنظّمات مجتمع مدني، من بينها الشبكة البلجيكية لمكافحة الفقر (BAPN)، وشبكات وجمعيات إجتماعية ونسوية وشبابية عدّة، إضافة إلى صندوق التأمين الصحي الإشتراكي Solidaris.







