اخبار بلجيكا الآن

تقرير صحفي يكشف فساد كبير في الشرطة البلجيكية

موقع أخبار بلجيكا الآن _ كشف تقرير داخلي للشرطة البلجيكية الفيدرالية، إستند إلى إستطلاع رأي تم إجراءه في عام 2024 بين عناصر الأجهزة الأمنية في بلجيكا، عن إنتشار واسع لمظاهر الفساد والتدخُّل غير المشروع داخل الشرطة البلجيكية. حيث أفاد واحد من كل ثلاثة ضباط بأنه واجه بشكل مباشر أو غير مباشر شكلاً من أشكال الفساد أو التأثير غير القانوني.

الإستطلاع، الذي شارك فيه أكثر من 1200 موظف في الشرطة البلجيكية، وتناول تجاربهم الشخصية، وما شهدوه في محيط عملهم، وطريقة تعامل الإدارة مع تلك الوقائع، إضافة إلى مقترحات لتحسين آليات النزاهة داخل الجهاز.

وقال عضو البرلمان البلجيكي “ماتي فانديميل” من حزب (groen) تعليقاً على النتائج: “الأرقام كبيرة للغاية”.

معرفة شخصية وتدخُّلات غير قانونية

حيث أظهرت نتائج الإستطلاع أن أكثر الحالات شيوعاً تمثّلت في معرفة الضباط بأشخاص متورطين في قضايا جنائية، سواء كانوا أصدقاء أو أقارب، وهو ما أفاد به نحو 50% من المُشاركين. ويؤكّد التقرير أن هذا الوضع لا يُشكّل بحد ذاته مشكلة، شريطة الإلتزام بالإجراءات القانونية.

غير أن التقرير أشار أيضاً إلى أن 36% من الضباط شهدوا طرح “أسئلة غير لائقة بهدف الحصول على معلومات”. بينما أفاد ثلث المشاركين تقريباً بوجود تدخّل غير قانوني في قضايا. كما أقرّ عدد مماثل بوجود مؤشرات فساد داخل المنظمة. أما قبول الهدايا فقد تعرّض له واحد من كل ثمانية موظفين.

بلاغات بلا متابعة

أفاد 83% من المشاركين بأنهم أبلغوا مشرفيهم بالحوادث التي شاهدوها أو تعرّضوا لها. إلا أن 31% من هؤلاء أعربوا عن إستيائهم لاحقاً بسبب غياب المتابعة أو عدم تلقي أي رد بشأن الإجراءات المتخذة.

وأشار عدد من الضباط إلى نقص الدعم من الإدارة، وذكر بعضهم أن بلاغاتهم لم تُحقق فيها جهات مستقلة. ومن بين الأمثلة الواردة في التقرير، علاقة مشبوهة بين أحد محققي الشرطة المحلية وشخص مرتبط بالجريمة المنظمة، دون أن تتخذ الإدارة أي إجراء.

كما وردت تقارير عن محقق يُشتبه في تسريبه معلومات لمنظمة إجرامية، ما مكّنها من تنفيذ جريمة حرق مُتعمّد، من دون أن يُتخذ بحقه أي إجراء، ولا يزال ،بحسب التقرير” يُمارس عمله.

ويرى التقرير أن الإبقاء على المتورطين في مناصبهم “لتفادي ضجة إعلامية في بلجيكا” يخلق شعوراً بالإفلات من العقاب. في حين أشار شهود إلى أن المُبلِّغين عن المخالفات يُنظر إليهم أحياناً كـ“خونة”، ويُعاقبون بالنقل أو التهميش.

تدخُّل سياسي لصالح نادي كروي في بلجيكا

ويتضمن التقرير مثالاً على ضغط سياسي، حيث زُعم أن أحد السياسيين طلب وقف تحقيق جنائي، في خطوة كان من شأنها أن تصب في مصلحة نادي كروي محلي تربطه به علاقات. وذكر التقرير أن هذا الطلب قُوبِل بالرفض.

ومن بين الضباط الذين واجهوا مُحاولات تأثير، قال 71% إنهم شعروا بدعم زملائهم، و65% بدعم مديرهم المباشر، بينما لم تتجاوز نسبة الشعور بدعم الإدارة العليا 52%. وأشار التقرير إلى أن الثقة تقل كلما ارتفع المنصب الوظيفي.

قاضٍ يحتج على غرامة ابنته

وعند سؤال المشاركين عن أكثر القضايا إثارة للقلق خلال السنوات الخمس الماضية، جاءت قضية النفوذ في المرتبة الأولى بنسبة 45%، تلتها قضايا اختفاء أو إتلاف مواد، والمحسوبية، وتسريب المعلومات أو الوصول غير المشروع إلى قواعد البيانات.

وسرد التقرير أمثلة محددة، من بينها قاضٍ كتب رسالة احتجاج على غرامة مرورية فُرضت على ابنته، وشركة عرضت تمويل رحلة دراسية حول تهريب المخدرات، إضافة إلى اختفاء أموال مصادرة.

كما أشار التقرير إلى علاقات عاطفية غير لائقة بين قضاة وضباط شرطة، أدت في بعض الحالات إلى تبادل معلومات خارج الأطر القانونية.

صلات بالجريمة المنظمة

أعرب ضباط عن قلق بالغ إزاء التواصل مع المنظمات الإجرامية، مؤكدين أن التهديدات قد تستمر لسنوات وتترك آثاراً نفسية ومهنية خطيرة. ولفت التقرير إلى محاولات إغراء مالي تستهدف محققين مقابل إطلاق سراح مشتبه بهم، إضافة إلى تخريب متعمد للتحقيقات عبر تحذير المشتبه بهم من عمليات تفتيش أو التغاضي عن جرائم بهدف خفض معدلات الجريمة.

توصيات وجلسات استماع

اختُتم التقرير بجملة توصيات، من بينها وضع إطار تشريعي أوضح، ومدونة أخلاقية أكثر صرامة، وقنوات إبلاغ مجهولة الهوية، وحماية أفضل للمبلغين عن المخالفات.

ووصف النائب ماتي فانديميل ما ورد في التقرير بأنه «مشكلة ديمقراطية خطيرة»، قائلاً: «إذا فسدت أجهزة الشرطة، فإن أساس سيادة القانون سيتزعزع». وطالب بعقد جلسات استماع برلمانية مع وزير الداخلية برنارد كوينتين وقيادة الشرطة الفيدرالية، معتبراً أن ذكر تدخل سياسي في التحقيقات أمر مقلق للغاية.

رد الشرطة البلجيكية الفيدرالية

في رد مكتوب، أكدت الشرطة البلجيكية الفيدرالية أن مكافحة الفساد على جميع المستويات من أولوياتها، مشيرة إلى أن خطر الفساد “حقيقي وواقعي”، خاصة بعد تفكيك شبكة الاتصالات المُشفرة “Sky ECC” في عام 2021، التي كشفت عن تواصل بين منظمات إجرامية وموظفين في جهات مختلفة، من بينها الشرطة والنيابة العامة.

وأوضحت أن الهدف من الاستطلاع هو تحديد المخاطر التنظيمية واتخاذ تدابير وقائية، مؤكدة أن التقرير ليس نهائياً.

ومنذ عام 2020، تم إتخاذ 10 إجراءات تأديبية، أُغلقت 8 منها، أربع دون نتائج، بينما فُرضت عقوبات في أربع حالات لم يعد أصحابها يعملون في الشرطة، ولا تزال قضيتان قيد المتابعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة حاجب الإعلانات

نحن نستخدم إعلانات جوجل لتحسين الموقع، لذلك من فضلك، إذا أردت أن تقرأ المقال والمعلومات المهمة، يجب أن تقوم بفك الحظر عن الإعلانات في المتصفح الخاص بك. وشكراً لك.