بلجيكا

قصة مقتل الطبيب البيطري البلجيكي الذي تحدى مافيا الهرمونات

موقع أخبار بلجيكا الآن _ كان البلجيكي “كاريل فان نوبن” أكثر من مجرد طبيب بيطري. حيث كان شغوفًا بعمله، صادقًا في رسالته، ومؤمناً بأن للناس في بلجيكا الحق في تناول لحوم صحية خالية من المواد المحظورة. لكن هذا الإيمان كلّفه حياته، بعدما أصبح عدواً خطيراً لما يُعرف بـ مافيا الهرمونات في صناعة اللحوم الأوروبية.

ماذا حدث له ليلة الجريمة؟

في مساء 20 فبراير/شباط 1995، عُثر على سيارته بجانب الطريق في قرية Wechelderzande بمقاطعة أنتويربن. كان محرّك السيارة لا يزال يعمل، وإحدى نوافذ السيارة كانت محطمة. أما الطبيب البيطري البلجيكي البالغ من العمر 42 عام، فقد وُجد مقتولًا بثلاث رصاصات في الرأس والرقبة والصدر، في خندق بجانب الطريق. وعلى لسان القاتل، قِيلت العبارة الشهيرة: “كانت عملية البقرة المريضة ناجحة” أي أن عملية قتل الطبيب البيطري تمت بنجاح.

مواجهة مع مافيا اللحوم في بلجيكا

عمل الطبيب البلجيكي “كاريل فان نوبن” مفتشًا بيطريًا في معهد التفتيش البيطري (IVK). حيث كان يراقب المزارع والمسالخ بحثًا عن أي استخدام غير قانوني للهرمونات في تسمين الماشية. وكان صارمًا في قراراته، يرفض تمرير أي ذبيحة تحتوي على مستويات مرتفعة من هذه المواد الخطيرة على صحة الإنسان.

الشرطة البجليكية يفتشون سيارة الطبيب اليطري “كاريل فان نوبن”.

رفضه للرشاوى وتمسكه بالمبادئ جعلاه مكروهاً لدى الكثير من مربي الماشية ومسمّنيها. ومع توسع نشاطه من مقاطعة أنتويربن إلى مقاطعة فلاندرن الغربية، ازدادت حدة التهديدات. حيث تحطيم سيارته عمدًا، ومضايقة أسرته، وحتى تعريض حياة ابنته للخطر. ورغم اتخاذه إجراءات وقائية مثل إرتداء سترة واقية ضد الرصاص وتعديل بوليصة تأمين السيارة الخاص به، لم يتمكن من الإفلات من مصيره.

الجريمة والصدمة

كان اغتياله صدمة مدوية في بلجيكا. حيث فقدت البلاد رجلاً نزيهًا لم يكن يسعى إلا لحماية الصحة العامة. وقال صديقه “ويم بيترز”: “لقد حدث ما كان الجميع يخشاه… رجل صادق دفع حياته ثمنًا لشغفه.”

خيوط التحقيق والمحاكمة

بدأ التحقيق ببطء شديد، ولم يكن لدى الشرطة البلجيكية سوى جزء من لوحة ترخيص سيارة شُوهدت قرب مسرح الجريمة. هذا الخيط قاد إلى البلجيكي “كارل دي شوتر”، المعروف بتجارته غير القانونية في الأسلحة في بلجيكا. تبين لاحقًا أنه وفّر السلاح المستخدم في القتل.

القاتل المأجور” ألبرت” في محكمة الجنايات في مدينة أنتويرب عام 2002.

لكن مُنفّذ الجريمة، كان البلجيكي “ألبرت باريز”، الذي أطلق النار على الطبيب البيطري مقابل 600 ألف فرنك بلجيكي (أي حوالي 15 ألف يورو). وبحسب المكالمات الهاتفية، كان أول ما قاله بعد الجريمة: “لقد انتهى الأمر.. عملية البقرة المريضة نجحت”.

لكن التحقيق لم يتوقف هنا، فقد أظهرت الأدلة ارتباط الجريمة بتجّار لحوم آخرين، أبرزهم “جيرمان داينين” و “أليكس فيركوتيرين”. وبعد سبع سنوات من الاغتيال، بدأت محاكمة طويلة ومعقدة استمرت ثمانية أسابيع، امتدت ملفاتها إلى أكثر من 16 ألف صفحة.

النتيجة

  • الحكم على الجاني “ألبرت باريز”، وكارل دي شوتر وتاجر اللحوم ” جيرمان داينين” بالسجن 25 عامًا.
  • الحكم على “أليكس فيركوتيرين” بالسجن المؤبد.
حُكم على تاجر اللحوم “أليكس فيركوتيرن” بالسجن المؤبد لإصداره الأمر بالقتل.

لكن المفاجأة أن جميع المُدانين في هذه الجريمة أُطلق سراحهم لاحقًا، وسط جدل واسع حول تورط أطراف أخرى لم تصل إليها العدالة في بلجيكا.

رغم مرور العقود، لا يزال اسم الطبيب البيطري رمزًا في مواجهة مافيا الهرمونات والدفاع عن غذاء صحي وآمن. حيث أسس شقيقه وصديقه المقرب مؤسسة للتوعية بمخاطر هذه المواد، مؤكدين أن تضحيته لم تذهب سُدى.

إطلاق سراح تاجر الأسلحة “كارل دي شوتر” في صيف عام 2024 وكان عمره 58 عام.

ويروي صديقه “ويم بيترز” لحظة دفنه قائلًا: “حين وُضع النعش في القبر، صهل حصان فجأة.. كان الأمر رمزيًا للغاية، وكأن الطبيعة تقول: “كاريل” فعلت ذلك من أجلنا، ومن أجل صحة الناس ورفاهية الحيوانات.”

في النهاية، قصة إغتيال الطبيب البيطري البلجيكي “كاريل فان نوبن” ليست مجرد جريمة جنائي. بل هي شهادة على معركة بين المال والضمير، بين مافيا الهرمونات ورجل واحد آمن بأن صحة الناس ليست للبيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة حاجب الإعلانات

نحن نستخدم إعلانات جوجل لتحسين الموقع، لذلك من فضلك، إذا أردت أن تقرأ المقال والمعلومات المهمة، يجب أن تقوم بفك الحظر عن الإعلانات في المتصفح الخاص بك. وشكراً لك.