كيف بدت مدينة بروكسل في عام 2025 وكأنها ساحة لعب لعصابات المخدرات

موقع أخبار بلجيكا الآن _ محطة كليمنصو، حي بيتربوس، ساحة ليمّنز… كثير من الناس الذين لا يزورون مدينة بروكسل لم يكونوا قد سمعوا بهذه الأماكن تقريباً في بداية هذا العام. أما اليوم، فأصبح كل سكان بلجيكا يعرفون هذه المواقع تقريباً بقدر ما يعرفها سكان مدينة بروكسل أنفسهم، ولكن للأسف من زاوية سلبية.
حيث بدت العاصمة البلجيكية في بعض اللحظات، وكأنها منطقة حرب. حادثة إطلاق نار تلو الأخرى، بوتيرة جنونية. وهذا كان عرض لتصاعد عنف المُخدّرات.
في بداية هذا العام، بدا أن الشرطة البلجيكية في مدينة بروكسل لا تزال تملك قدراً من السيطرة على مشكلة المخدرات في العاصمة. لكن في 10 يناير خرج الوضع عن السيطرة لأول مرة في بلدية إكسل. حيث حاول عناصر الشرطة البلجيكية تفتيش عدد من تجار المخدرات المشتبه بهم. لكن تم محاصرة الشرطة وتعرّضوا للرشق. لم تُطلق النار بعد، لكن ذلك كان مسألة وقت فقط.
بعد حوالي أسبوعين، في 27 يناير 2025، وقعت أول حادثة إطلاق نار في العام. حدث ذلك قرب مقهى في بلدية أندرلخت، على بعد 100 متر فقط من مركز الشرطة. حيث أُصيب شخصان بجروح طفيفة.
منذ تلك اللحظة، تصاعدت الأحداث بسرعة. في ليلة 4 إلى 5 فبراير، أُصيب شخصان في إطلاق نار في بلدية “سان-جوس-تين-نوده”. وبعد ساعات قليلة، أطلق مجهولون النار في الهواء ببنادق كلاشنيكوف قرب محطة مترو كليمنصو في بلدية أندرلخت. سادت الصدمة في الحي، بل إن متواطئين قاموا بتصوير الحادثة. ولحسن الحظ، لم يُصب أحد، لكن الجناة فرّوا عبر أنفاق المترو.
وتم إطلاق مطاردة واسعة، لكن دون توقيفات. بعد أسبوعين فقط، أُلقي القبض على رجلين إثر عدّة مداهمات. وفي بداية شهر مارس أُوقف مُشتبه به ثالث. في الليلة التالية، وقع حادث جديد: عند نفس محطة المترو أُصيب رجل بجروح خطيرة بعد إصابته برصاصة في ساقه.
بعد ثلاث حوادث إطلاق نار خلال 24 ساعة فقط، بلغ الغضب ذروته. حيث طالبت لجان الأحياء بإجراءات سياسية عاجلة، كما أعلن المُدّعي العام الجديد في بروكسل، “جوليان موينيل”، أن الوضع لم يعد يُحتمَل. في مساء اليوم نفسه، جاء رد سياسي: وزير الداخلية البلجيكي “برنار كوينتان” أعلن عن تعزيز الوجود الشرطي في المترو، كما نشرت بلديات بروكسل دوريات مشتركة. لكن السؤال كان: هل هذا كافٍ؟
سلاح حربي

سرعان ما تبيّن أن ذلك غير كافٍ. في ليلة 6 إلى 7 فبراير، سقط أول قتيل. عند مدخل مبنى في حي “بيتربوس” في بلدية أندرلخت، حيث عُثر على 25 ثقب رصاص من سلاح حربي. قُتل رجل بالرصاص. وبعض السكان كانوا في حالة صدمة، بينما بدا آخرون وكأنهم إعتادوا العنف. وقال شاب في السادسة عشرة: “تعتاد عليه، لكنه يظل مخيفًا”.
لكن العنف لم يصبح طبيعياً أبداً. وقال الشاب: “وطالما لا تتدخّل في شؤونهم، يتركونك وشأنك”. حيث أصبح عنف المخدرات تجارة بحد ذاته. وترهيب “شخص ما” قد يدرّ 1500 يورو.
بعد أول جريمة قتل مرتبطة بالمخدرات في عام 2025، فُرضت سلسلة من الإجراءات: أنشأ المدعي العام فرقة عمل خاصة، وزاد الوجود الأمني في الشوارع، وأُنشئ صندوق للمخدرات، وتم تعيين “قائد ذهبي”. وبدت الإجراءات فعالة لبضعة أيام فقط.
في 11 فبراير، رصدت الشرطة مُجدداً رجلاً يحمل سلاح كلاشنيكوف قرب محطة كليمنصو. لكنه فرّ عند رؤية الشرطة البلجيكية. ورغم الوجود الأمني الكثيف، عبّر عناصر الشرطة عن إحباطهم: “نوقفهم اليوم، وفي الغد يعودون إلى الشارع”.
في 15 فبراير بلغ العنف قاعاً جديداً. حيث تم إطلاق النار مجددًا بسلاح حربي قرب محطة كليمنصو، وقُتل شاب يبلغ 19 عام يُدعى سليمان من سكان بلدية أندرلخت، رغم وجود الشرطة في مكان قريب. فرّ الجناة، ولم يُعتَقل أربعة مشتبه بهم إلا في شهر مايو 2025.

سادت حالة من الخوف بين السكان، الذين لم يجرؤوا على الإدلاء بشهاداتهم إلا بشكل مجهول. وفي ليلة 16 إلى 17 فبراير، تم إطلاق النار مُجدداً قرب محطة “سان-غيدو”، لكن دون إصابات. ودعا الوزير “كوينتان” إلى إجتماع طارئ، لكن الخطة الشاملة لمحاربة عنف المخدرات ظلت غير واضحة.
وفي الليلة التالية، تم إطلاق النار مرة أخرى وفي نفس المكان، وأُصيب شخص في ساقه، وفرّ الجاني. وأشار المدعي العام “موينيل” إلى النقص الحاد في عدد عناصر الشرطة.
الموجة الأولى
في 19 فبراير، تعرضت شركة نقل في بلدية أندرلخت لإطلاق 23 رصاصة. كان ذلك الحادث الرابع خلال أربعة أيام. ولم يعرف صاحب الشركة سبب الإستهداف، وكان في حالة صدمة. حيث لم تكن الشركة قد إفتُتحت بعد.
شُددت الإجراءات مرة أخرى، وظهرت حواجز مرورية لمنع تجار المخدرات. لكن العنف انتقل إلى بلديات أخرى: شاب في السادسة عشرة أُصيب في طعن، إطلاق نار في بلدية سكاربيك، ثم هجوم على متجر ليلي ومطعم في أندرلخت حيث عُثر على 25 ظرف رصاص.
وبنهاية فبراير، خرج سكان أندرلخت في تحرك شعبي لاستعادة الفضاء العام.
حيث عمّ الهدوء لمدة أسبوعين. إنتهت الموجة الأولى، لكن الصراع لم ينتهِ. في 10 مارس، أُطلقت 30 رصاصة في “فورست” بسلاح حربي، وأُصيب شخص في ذراعه. حيث تحدث السكان قرب كليمنصو عن “سلام مسلح”.

في شهر مارس، وقعت “فقط” أربع حوادث. لكن في شهر أبريل بدأت موجة ثانية: إنفجار أمام شركة في بلدية سكاربيك، إطلاق نار جديد قرب كليمنصو، ثم أربعة حوادث خلال أربعة أيام في منتصف أبريل، بينها جريمة قتل جديدة.
تصاعد مستمر في بروكسل
تواصل العنف في أندرلخت وسكاربيك ومولنبيك وإكسل. حيث قُتل أبرياء، وأُصيب شبان، واستُخدمت أسلحة حربية وسكاكين وسواطير. بلغ الوضع ذروته في 5 يونيو عندما قُتل شخص قرب مركز “ويستلاند” التجاري في أندرلخت.
ثم طالب السكان حتى بنشر الجيش البلجيكي في الشوارع. ولم يحدث ذلك، لكن نُفذت عمليات أمنية واسعة أُوقف فيها العشرات. أُلقي القبض على مطلق النار في يوليو في هولندا.

مع دخول فصل الصيف، شعر الناس أن “شيئًا ما يحدث” أخيراً. في تاريخ 7 يوليو 2025، عقد المدعي العام “جوليان موينيل” مؤتمراً صحفياً، لكن الخبر الأهم كان أنه بات تحت حماية دائمة بعد تهديدات من مافيا المخدرات.
وفي 12 يوليو، أطلقت الشرطة البلجيكية النار على رجل مسلح في وسط مدينة بروكسل بعد أن بادر بإطلاق النار عليهم. ومع ذلك، إستمر العنف. وفي 26 يوليو، عُثر على رجل مقتول داخل شاحنة في مرآب تحت الأرض في بلدية إكسل.

كان ذلك إيذاناً بموجة جديدة من العنف شبه اليومي في العاصمة البلجيكية بروكسل. متابعينا الكرام حدثت أحداث عنف أكثر دموية بعدها. ولكن لم نكتبها حتى لا يكون المقال طويل. إذا أردتم إكتبوا لنا بالتعليقات.







