ناصر تركي الدين بطل الحافلة رقم 36 في مدينة أنتويرب لا يستطيع العيش هنا

موقع أخبار بلجيكا الآن _ قبل حوالي 7 شهور من الآن حدثت جريمة قتل مُروّعة على متن الحافلة العامّة رقم 36 في مدينة أنتويرب البلجيكية. حيث أسفرت عن مقتل رجل بلجيكي يبلغ من العمر 76 عام، وكادت أن تتحوّل إلى مجزرة جماعية لولا تدخُّل رجل شجاع من أحد الرُكّاب، وهو رجل مسلم في الثالثة والستين من عُمره يُدعَى “ناصر تركي الدين”. صراحةً لا نعرف أصوله حتى الآن، ولكن ذكرت الصحافة البلجيكية في ذلك الوقت أنه تونسي الجنسية.
وبحسب ما أفادت به الشرطة البلجيكية وشهادات الركاب، صعد الجاني، وهو رجل من أصول جورجية يُدعَى “سيمون متشيدليشفيلي” يبلغ من العمر 38 عاماً، إلى الحافلة وهو في حالة هيجان شديد، وبدأ بالصراخ قائلاً: “أريد قتل عشرة أشخاص اليوم الإثنين”، رافعاً تِسعة أصابع في الهواء، بعد أن كان قد طعن بالفِعل الراكب البلجيكي “هنري مورمانز” البالغ من العمر (76 عام) عِدّة طعنات قاتلة دون أي سابق إنذار.
سادت حالة من الذعر داخل الحافلة، التي لم يكن على متنها سوى عشرة ركاب، وسط صراخ ومحاولات يائسة للإحتماء. في تلك اللحظات الحرجة، برز الرجل المسلم ناصر تركي الدين، الذي واجه الجاني رغم الخطر المُحدِق.
وقال شهود عيان إن المُعتدي صرخ مباشرة في وجه ناصر: “سأقتلك”، ثم وجّه له طعنة أصابته في ركبته. ورغم إصابته والألم الشديد، لم يتراجع ناصر، بل واصل المقاومة مُحاولاً تشتيت إنتباه الجاني، ما أتاح لبقية الركّاب فرصة الهروب أو الإحتماء بعيداً عن الخطر.

هذا التدخُّل الشجاع حال دون سقوط مزيد من الضحايا. وعلّق أحد ركاب الحافلة قائلاً: “لولا ناصر، لتحوّلت الحافلة إلى مسرح مجزرة حقيقية”.
حيث أطلقت الشرطة البلجيكية فوراً عملية أمنية واسعة، وتمكّنت من إلقاء القبض على الجاني الذي سلّم نفسه بعد خروجه من الحافلة كما تشاهدون بالصورة بالأعلى. وقد فُتِح تحقيق مُوسّع لمعرفة دوافع الهجوم وخلفياته النفسية والجنائية.
أما ناصر تركي الدين، فقد نُقل إلى المستشفى لتلقّي العلاج من إصابته، وأكّدت مصادر طبية أن حالته مُستقرّة في ذلك الوقت. ورغم الإشادة الواسعة بشجاعته، إلا أن آثار الصدمة لا تزال واضحة عليه. فقد صرّح اليوم الإثنين بأنه لا يستطيع نسيان ما رآه، قائلًا بحزن: “ما حدث سيبقى معي طويلاً… أحياناً أفكّر كثيراً بالأمر. وربما يجب أن أنتقل من هنا، وقد أعيش في مكان آخر غير مدينة أنتويرب”. وذكر أنه لم يحصل على الدعم والتعويض النفسي من الحكومة البلجيكية. وهذا ما يُحزنه أيضاً”.
كما أشاد البلجيكيون ببطولة ناصر، حيث عُرف إعلامياً في بلجيكا بلقب “بطل الحافلة 36”. لكن هذه المرّة، البطولة جاءت بثمن نفسي وجسدي باهظ.

حادثة الحافلة رقم 36 أعادت إلى الواجهة النقاش في بلجيكا حول أمن وسائل النقل العام، وحول الحاجة إلى دعم نفسي عاجل للشهود والأشخاص الذين يجدون أنفسهم فجأة في قلب أحداث دموية. وبينما تنتظر عائلة الضحية البلجيكي “هنري مورمانز” تحقيق العدالة، يبقى إسم “ناصر تركي الدين” حاضراً كرمز لشجاعة إنسانية أنقذت أرواحاً في لحظة كان الموت فيها على بُعد ثوانٍ.







