العمل في بلجيكا

رئيس حزب PS: “لن يتم إلغاء الحد الزمني لإعانات البطالة في بلجيكا أبداً”.

موقع أخبار بلجيكا الآن _ بحسب البلجيكي “بول ماغنيت”، رئيس الحزب الإشتراكي PS وأكبر أحزاب المُعارضة في الجانب الوالوني في بلجيكا، فإن قرار تقليص إعانات البطالة في بلجيكا أصبح أمراً لا يمكن التراجع عنه. جاء هذا التصريح في مقابلة أجراها مع صحيفة “Le Soir” الوالونية.

حيث أوضح أن إستعادة حقوق جميع الأشخاص الذين فقدوا رواتب البطالة بالفعل لم تعد مُمكنة، كما أنه لا يوجد أي تحالف سياسي مُستعد لإلغاء هذا الإصلاح بعد إقراره. ورغم إقراره بحتمية القرار، عبّر “بول ماغنيت” عن مخاوفه الشديدة من تداعيات قانون إصلاح البطالة الإجتماعية على المجتمع، خاصّة مع بدء تطبيقه بدءاً من يوم الخميس 1 يناير 2026.

وحذّر من أن المدن الكبرى ستتأثّر بشكل كارثي، مُشيراً إلى أنه يرى بالفعل في مدينة “شارلروا” أشخاصاً عاجزين تماماً عن معرفة وجهتهم المقبلة، ويعيشون حالة من القلق الشديد، ويطرقون جميع الأبواب بحثاً عن حل.

هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة، حيث هاجمه رئيس حزب MR “جورج لوي بوشيه” عبر منصة “X”، متهماً إياه بتأجيج غضب الناس وكراهيتهم، ومعتبراً أن إعترافه بعدم التراجع عن الإصلاحات دليل على فشله السابق. وأضاف أن على “بول ماغنيت” التخلّي عن الشعارات والإعتراف بأن الحكومة البلجيكية الحالية تنفذ إصلاحات ضرورية لم يجرؤ هو على إتخاذها عندما كان في موقع المسؤولية.

المرحلة الأولى من التقييد المؤقت لإعانات البطالة في بلجيكا، وهو إجراء أثار جدلاً واسعاً في البلاد، ستنطلق يوم الخميس الأول من يناير. وتصفه حكومة “بارت دي ويفر” بأنه إجراء يهدف إلى إعادة عدد أكبر من الناس إلى سوق العمل، غير أن القلق بشأن آثاره الإجتماعية لا يقتصر على المعارضة فقط. بل يمتد حتى إلى داخل الحكومة نفسها. ويصف خبير سوق العمل البلجيكي “إيف ماركس” من جامعة غنت هذه التدابير بأنها قاسية للغاية، محذراً من إنعكاساتها على الفئات الفقيرة.

بدءاً من 1 يناير 2026، ستفقد الدُفعة الأولى التي تضم أكثر من 20 ألف شخص حقها في الحصول على إعانات البطالة في بلجيكا. وتشمل هذه الفئة العاطلين عن العمل منذ عشرين عاماً أو أكثر، إضافة إلى خريجي المدارس الذين يعيشون على إعانة الاندماج الإجتماعي لأكثر من عام. وبعد شهرين فقط، ستنضم إليهم مجموعة ثانية قوامها 40 ألف باحث عن عمل تتراوح مدّة بطالتهم بين ثماني سنوات وعشرين سنة، على أن تفقد أربع مجموعات أخرى إعاناتها خلال عامي 2026 و2027.

ويُحذّر “إيف ماركس”، قائلاً: “ليس من مبدأ الإجراء بحد ذاته، بل من السرعة الكبيرة في تطبيقه. فالأشخاص الذين ظلوا خارج سوق العمل لمدة عشرين عاماً سيتم إخراجهم فجأة من نظام إعانات البطالة، وهم في نظره بعيدون جداً عن أي إندماج سريع في سوق العمل. ويتوقع أن ينتهي المطاف بالعديد منهم في مراكز الرعاية الإجتماعية العامة “OCMW”، متسائلاً عما إذا كانت هذه المراكز قادرة فعلاً على تقديم الدعم المناسب لهم، مؤكداً أن ما ستشهده البلاد في العام المقبل غير مسبوق تماماً.

ولا تقتصر المخاوف على الخبراء فقط، إذ لا يزال حزب CD&V المشارك في الحُكُم يعبر عن قلقه من العواقب الإجتماعية. فقد أشارت النائبة “ناهيما لانجري” في صحيفة “De morgen” إلى وجود ما لا يقل عن عشرة آلاف عاطل عن العمل غير قادرين على إيجاد وظيفة، مؤكدة أنها تحاول منذ أشهر إيجاد حل لهم، إلا أن نهاية ديسمبر تقترب والعديد منهم مهددون بالسقوط خارج أي نظام دعم.

حيث ترى أن العاطلين عن العمل غير المؤهلين لا مكان لهم في مراكز الرعاية الإجتماعية العامة. بل هم بحاجة إلى توجيه مكثف نحو وظائف مناسبة أو أنشطة ذات معنى مثل العمل التطوعي. كما تعتقد أن من يعانون من مشاكل صحية يجب أن يحصلوا على إعانات المرض، في حين ينبغي منح الآخرين إعانات العجز حسب أوضاعهم.

ويُعد التقييد المؤقت لإعانات البطالة في بلجيكا أحد أبرز الأدوات التي تعتمدها الحكومة البلجيكية الفيدرالية لرفع معدل التوظيف في بلجيكا، وهو الإجراء الأوسع نطاقاً حتى الآن. فمعدل التوظيف الحالي يبلغ 72.7 في المئة، وتطمح الحكومة إلى رفعه إلى 80 في المئة بحلول عام 2029، وهو ما يتطلب، بحسب “إيف ماركس”، توفير فرص عمل لنحو 550 ألف بلجيكي إضافي.

وتشير أرقام مكتب التوظيف الوطني إلى أن 194 ألف شخص سيفقدون إعاناتهم خلال العام والنصف المقبلين. وتراهن الحكومة البلجيكية على عودة ثلث هؤلاء إلى سوق العمل، إلا أن مدى واقعية هذا التقدير يبقى محل شك كبير. ويؤكد “إيف ماركس” أن هذا السيناريو هو الأكثر تفاؤلاً، مُشيراً إلى أنه لا يعرف الأساس الذي بُني عليه هذا التقدير، لأن البلاد مقبلة على تجربة غير مسبوقة من حيث الحجم والحدة، ومن الصعب إيجاد أمثلة مشابهة لها في دول أخرى.

وأضاف أن العاطلين عن العمل في بلجيكا سيواجهون مشكلة إضافية تتمثل في إشتداد المنافسة داخل سوق العمل، وهو أمر تسهم فيه أيضاً سياسات الحكومة البلجيكية الفيدرالية. فالسوق يشهد تباطؤاً ملحوظاً وتراجعاً في عدد الوظائف الشاغرة، إلى جانب خطط لاتخاذ إجراءات صارمة بحق المرضى المصابين بأمراض مزمنة، والذين قد يحتاج كثير منهم أو يرغبون في العودة إلى العمل. كما أن التوسُّع في الوظائف الإضافية المرنة ووظائف الطلاب يزيد من حِدّة المُنافسة، ما يجعل الوضع أشبه بعاصفة متكاملة.

ورغم كل هذه التحذيرات، يرى “إيف ماركس” أن تحديد مدة إستحقاق إعانات البطالة كان إجراء لا مفر منه. فبلجيكا، بحسبه، ماطلت لعقود طويلة وأصبحت حالة إستثنائية، كونها الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن فيها الحصول على إعانات البطالة إلى أجل غير مسمى، وذلك في وقت كانت تعاني فيه من سوق عمل شديد الضيق. هذا التناقض، كما يقول، أصبح غير قابل للإستمرار.

وهكذا، دخل القرار حيز التنفيذ وأصبح واقعاً لا رجعة فيه، وهو ما إضطر حتى “بول ماغنيت”، رئيس الحزب الإشتراكي وزعيم المعارضة، إلى الإقرار به علناً، مؤكداً أن إستعادة حقوق من فقدوها لم تعد ممكنة، وأن أي تشكيل سياسي آخر لن يكون مستعداً لإلغاء هذا الإصلاح بعد اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة حاجب الإعلانات

نحن نستخدم إعلانات جوجل لتحسين الموقع، لذلك من فضلك، إذا أردت أن تقرأ المقال والمعلومات المهمة، يجب أن تقوم بفك الحظر عن الإعلانات في المتصفح الخاص بك. وشكراً لك.