اخبار بلجيكابلجيكا مباشر

بدء أكبر محاكمة جنائية في بلجيكا

تبدأ اليوم محاكمة الجنايات في مدينة تونجيرين بمقاطعة ليمبورخ البلجيكية بشأن تعذيب ووفاة الشاب العربي هلال مخطوت البالغ من العمر 33 عامًا. حيث تعرض للتعذيب لعدة أيام في شهر مارس 2019 وتوفي في النهاية متأثراً بجراحه. قصة تسوية حسابات بين مافيا المخدرات إنتهت بشكل فظيع.

كدمات، حروق، كسور في جميع أنحاء جسده. هذا ما وجدته الشرطة البلجيكية يوم الأربعاء 13 مارس 2019 في منزل لقضاء العطلات بالقرب من مدينة روشفورت بالجانب الوالوني وكان مشهدًا مروعاً. حيث تعرض الضحية هلال مخطوت، وهو تاجر مخدرات من مدينة خينك بمقاطعة ليمبورخ، للتعذيب حتى الموت.

كما يصف الطبيب الشرعي الإصابات بأنها “مروعة”. وذلك بعد أن تم ضرب الضحية وسكب الماء والزيت الساخن عليه، وتم إطفاء السجائر على رأسه لعدة أيام.

عربي في بلجيكا
صورة الشاب العربي هلال مخطوت.

السبت 9 مارس 2019:

تبدأ محنة الضحية هلال مخطوت يوم السبت 9 مارس/آذار في منزله. وذلك بعد أن قام خمسة رجال بإقتحام منزله، وكان يجلس مع صديقه في تلك الليلة.

يتم ربط الضحية بأشرطة ويتم إغلاق فمه بشريط لاصق. وبحسب صديقه الذي سقط هو الآخر على الأرض، يتلقى الضحية هلال مخطوت على الفور الكثير من الضربات. بمطرقة، وعصا نحاسية، وسكين، وسلاح ناري مصوب على رأسه. كان الوقت حينها بين الساعة 5:30 مساءًا و6 مساءًا. ولم يستغرق الأمر برمته أكثر من 5 إلى 10 دقائق.

ثم يتم سحب الضحية إلى صندوق سيارة الجناة. ويقوم أحد الجناة بالصراخ في وجه صديقه: “هكذا نفعل مع الأغنام”. ثم يليه التهديد: “سوف تكون أنت التالي إذا قلت كلمة للشرطة”.

قال أحد المتهمين أثناء الاستجواب: “لقد ضربته 8 إلى 10 مرات بمطرقة مطاطية على ساقيه، وربما على وجهه أيضًا”. كما قمت بطعنه في ساقيه بـ ” مفك براغي” وقمت بإطفاء السجائر في رأسه. ومع ذلك لم يعترف الضحية بأي شيء عن سرقة كمية من أموال المخدرات الخاصة بنا، رغم أنه قال لي في ذلك المساء: “عليك أن تقتلني، لم أسرق شيئاً”.

اللافت للنظر: يتم وضع الضحية في شقة ويتم ربطه ووضع لاصق على فمه، ثم يذهب العديد من المتهمين ذهابًا وإيابًا إلى قاعة إحتفالات في مدينة خينك بمقاطعة ليمبورخ البلجيكية، حيث كان يُقام حفل زفاف في ذلك الوقت.

صورة منزل الضحية هلال مخطوت.

وفي مرحلة ما، تم نقل الضحية مرة أخرى إلى مكان آخر. ما حدث بالضبط هناك لم يكن واضحًا أبدًا. كما أنه ليس من الواضح تمامًا أين قضى الضحية ليلته هل في شقة أو في السيارة أو في مكان آخر. في ذلك المساء، تم حرق بعض الأدلة، بما في ذلك كيس من الملابس. وفي آخر الليل قام المتهمون بشراء البيتزا ولم يحصل الضحية على الطعام.

الأحد 10 مارس 2019:

في يوم الأحد، يعود المتهمين إلى منزل الشاب هلال مخطوت “من أجل أن يقوم بالإستحمام والسماح له بالنوم”. وبعد ذلك سيقضي بقية اليوم في السيارة. يتجول معه إثنان من المشتبه بهم لفترة ويحاولان إقناعه بالتحدث والإعتراف بالسرقة. ويتم صعقه بمسدسات كهربائية.

قام المتهمون أيضاً بإرسال رسائل نصية من هاتف الضحية إلى شركائه مفادها “أنهم سيستمرون في ضربه حتى يجيب على مكان وجود الأموال”. لكن أوضح أحد المتهمين أنه في تلك الليلة “لم يحدث الكثير من العنف”.

الإثنين 11 مارس 2019:

يوم الاثنين علمت الشرطة أن شيئًا ما يحدث مع الشاب هلال مخطوت. وأفادت معلومات بأنه “قد تم إحتجازه في منزله”. ولكن علم المتهمون بقدوم الشرطة وقاموا بنقله إلى مكان آخر. 

الخطة كانت هذه المرة هي الذهاب إلى منزل لقضاء العطلات في قرية فورزي، بالقرب من مدينة روشفورت. لكن كانت هذه الخطة ليست مدروسة مسبقًا، لأنهم إتصلوا بالمالكين في ذلك الصباح ليسألوا عما إذا كان بإمكانهم إستئجار بيت العطلات حتى يوم السبت.

صورة منزل لقضاء العطلات في قرية فورزي.

وصلوا إلى مدينة روشفورت في الجانب الوالوني من بلجيكا حوالي الساعة السادسة مساءًا. قد يكون المكان مختلفاً، لكن السيناريو يتكرر. في بيت العطلات يتعرض الضحية هلال مخطوت للضرب مرة أخرى. وقاموا بسكب الزيت المغلي عليه. وكان العديد من الجناة يطالبونه بالإعتراف والتحدث. لكن مرة أخرى دون نتائج. في الطابق العلوي، يلعب المتهمون على جهاز البلاي ستيشن ويشاهدون نتفليكس وكأن شيئًا لم يحدث.

في وقت لاحق من ذلك المساء اكتشفوا أن مخطوت توقف عن الحركة. وحاولوا إيقاظه بوضعه في الحمام ومحاولة إنعاشه، لكنه مات.

بعد وفاته، اندلع الذعر بين الجناة. وقال أحد المتهمين في وقت لاحق: “لم تكن هذه هي النية على الإطلاق”. و: «لقد خرج الأمر عن السيطرة».

الثلاثاء 12 مارس 2019:

بعد يوم من صدور التقرير، داهمت الشرطة عنوان مخطوت، ولم يتم العثور على الضحية. لكن تم العثور على الكثير من الأدلة في مرآب المنزل. وكان يوجد في منتصف الغرفة كرسي مكتب حوله عدة بقع دماء. كما تم العثور أيضًا (من بين أشياء أخرى) على أحزمة، ولفافة من الشريط، ومطرقة مطاطية، وحبل، وعصي، وما إلى ذلك.

في تلك اللحظة، تم بالفعل القبض على المشتبه به الأول قبل العثور على الجثة. وتلا ذلك إعتقال شخصين آخرين في وقت لاحق من ذلك اليوم.

لكن لا يوجد أي أثر للضحية هلال مخطوت حتى الآن. أثناء الليل قام العديد من المشتبه بهم بالخروج من منزل العطلات بعد تنظيفه جيدًا وحرق الأدلة في الفرن. وقاموا بالبحث عبر محرك جوجل عن أشياء مثل “استئجار معدات تقليم الأشجار” و”شراء مفرمة لحم” و”رحلة إلى تركيا”.

الأربعاء 13 مارس 2019:

في 13 مارس/آذار، تم العثور أخيراً على جثة الشاب هلال مخطوت في بيت العطلات في قرية فورزي، بالقرب من مدينة روشفورت. وذلك بعد أن إكتشف صاحب المنزل الجثة في غرفة النوم.

صورة الشرطة البلجيكية أمام منزل لقضاء العطلات في قرية فورزي.

وقام الطبيب الشرعي بتحديد الوقت الدقيق للوفاة والتي كانت بين الساعة 7:50 مساءً يوم 11 مارس والساعة 9:50 صباحًا يوم 12 مارس، وذلك بعد أن تعرض للتعذيب بشكل مروع.

يتم القبض على المشتبه بهم واستجوابهم، ويتم فحص صور الهواتف المحمولة والكاميرات، ويتم تفتيش المنازل والسيارات. تم العثور على الأدلة في عناوين مختلفة: بقع الدم، والملابس (التي بها آثار دم)، والأشرطة، وما إلى ذلك، وفي النهاية تم التعرف على 13 مشتبهاً بهم. المشتبه بهم شباب صغار، لأنهم وقت إرتكاب الجريمة كانوا جميعاً تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً.

هل ستقدم المحاكمة توضيحاً؟

سيتم محاكمة جميع الأشخاص الثلاثة عشر في محكمة مدينة تونجيرين في الأسابيع المقبلة، مما يجعلها أكبر محاكمة جنائية على الإطلاق في بلجيكا من حيث عدد المتهمين. ويتهمهم مكتب المدعي العام بنفس التهمة: بحسب المدعي العام، فإنهم جميعاً مذنبون بارتكاب أعمال تعذيب أدت إلى الوفاة. وهذا يحمل أحكامًا تتراوح بين 20 إلى 30 عامًا.

وفقًا للنيابة العامة، فإنهم مذنبون أيضًا بالمشاركة في منظمة تهدف إلى ارتكاب جرائم ضد الأشخاص أو الممتلكات. وهذا بدوره يحمل عقوبات تتراوح بين 6 أشهر إلى 5 سنوات.

إقرأ أيضاً: وفاة شاب من أصول عربية في سجن مدينة بروكسل.

على أية حال، تبقى أسئلة كثيرة. المتهمون يدلون بأقوال متضاربة. إنهم ينكرون دورهم أو يقللون منه، أو يقولون إنهم لا يعرفون الضحية حتى. ولذلك لا يزال من غير الممكن أن نقول على وجه اليقين من فعل هذا بالضبط. ويظهر البحث مجموعة متشابكة من المكالمات الهاتفية والرحلات مع جميع أنواع السيارات. ويبقى السؤال الكبير: لماذا كان على الضحية هلال مخطوت أن يموت فعلاً؟.

هناك حديث عن سرقة ثلاثة كيلوغرامات من الكوكايين (القيمة السوقية: 100 ألف يورو)، ولكن أيضًا مبالغ تتراوح بين 7000 و15 ألف يورو، وعدة مئات من الجرامات من الكوكايين، والحشيش. والحقيقة هي: إذا قمت بوزن هذا مقابل عشرات الأطنان من الكوكايين التي تم اعتراضها في ميناء أنتويربن، فستبدو وكأنها سمكة صغيرة. لكن الأسماك الصغيرة في بلجيكا هي من تتعرض للتعذيب المروع.

في النهاية ستستمع هيئة المحلفين المكونة من 5 نساء و7 رجال إلى القصة كاملة في الأسابيع المقبلة. 84 شاهداً سيتحدثون. سنسمع عادةً كيف ستسير الأمور هنا خلال أربعة أسابيع.

متابعين موقع أخبار بلجيكا الآن نشكركم على دعمكم والتفاعل المتواصل، وسوف نوافيكم بكل جديد عن هذه الجريمة المروعة فور وصول المزيد من التفاصيل.

إقرأ أيضاً: العثور على شاب عربي ميتا في زنزانة السجن في بروكسل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى